
عصام عياد يكتب .. حوار مع صديقي عن التطرف
عصام عياد بكتب .. حوار مع صديقي عن التطرف
كتب عصام عياد
عندما تحدثت مع صديقي عن التطرف لم يعطي الأمر إنتباهاً ، ثم قال لي تطرف إيه ، مش موضوع يعني ، أي أنه ليس بالشكل الذي يستحق الحديث
فقلت له ، لكن الأمر في الحقيقة ليس بالبسيط ولا بالهين ، بل إن الأمر جلل !!
صديقي العزيز الشاب الجميل ، تخيل مثلاً رد فعلك إذا ما رأيت في الغد الرجال يرتدون فستان ، ورأيت النساء يلبسون شورت ويحلقون جميعاً رؤوسهم كما فعلت شرين عبد الوهاب ؟
صديقي ، أراك مستغرباً ذلك وتستبعد حدوثه ، بل وتراه من المحال ، فلما الاستغراب ؟
أتعلم يا صديقي ، أننا ونحن في نفس سنك ، كنا لا نتخيل أبداً أن يلبس الرجال التوكة و الحلق ، لأن ذلك لبس النساء
لم نكن نتخيل أبداً أن يرتدي الشباب الملابس المقطعة عن قصد ، بل وتكون هي الموضة ، فهي ملابس الفقراء وذوي الحاجة
أتعلم أننا لم نتوقع أبداً ولم نكن نتخيل أن يأتي يوماً ، نري فيه الشباب يحلقون رؤوسهم ويزخرفونها كما يصنع مع الخيل و الحمير
لم نتوقع ولم نتخيل أن يحدث هذا ولكنه حدث ، ليس هذا وحسب بل والأغرب أنه أصبح مقبول في المجتمع وغير مستنكر !!!
ألم تري يا صديقي أن معظم الأغاني في أفراحنا والتي تشعوذ الفرح كما يقولون ، وتجعل الكل يرقص ، هي الأغاني الحزينة ، الكلمات في وادي والناس في وادي آخر ، الكلمات تقطع القلب و الموسيقي ترقص الجسد كله
يبقي متستغربش ولا تستبعد أن يرتدي الشباب مستقبلاً الفساتين وترتدي النساء الشورت وغير ذلك من سلوكيات غريبة
تعالي أقولك إيه الحكاية
في كل مرة كنا بنتخانق معاهم كنا بنغلبهم ، رغم أنهم الأكثر عدداً و الأقوي سلاحاً وجاهزية ، لحد ما هما نفسهم بدأوا يستغربوا
جابوا أقوي و أكبر جيوش في العالم وجوم لحد عندنا ، بس بردوا غلبناهم ، وضربناهم ، وأسرنا الكبير بتاعهم ( ملك فرنسا ) وحبسناه في المنصورة في دار بن لقمان ، لحد ما دفعوا الفدية وسيبناه ، بس بعد ما علمنا عليهم
في 1973 بعد ما عملوا خط بارليف بطول القناة بارتفاع 22 متر وبزاوية إنحدار 45 درجة وعملوا خطوط النابلم التي تقدر تحول مياة القناه الي لهيب بدرجة حرارة 700 درجة مئوية ، غير الأسلحة المتطورة ، والدعم المستمر من أقوي الدول
بس بردوا غلبناهم وضربناهم وحطمنالهم أسطورة الجيش الذي لا يقهر بهزيمة ساحقة ، ببراعة فكر ودقة تنفيذ ، أصبحت تدرس في كل الكليات العسكرية العالمية
قعدوا يتأملوا في شخصية الجندي المصري وبسالته وشجاعته وعقيدته ، فتأكدوا أنهم لن يقدروا علي محاربته والانتصار عليه بالسلاح
فكان القرار سنجعل الجندي المصري غير قادر علي حمل السلاح
عرفوا أن قوتنا في قربنا من ربنا ، في تمسكنا بدينا ، وفي وحدتنا فاشتغلوا علي إنهم يبعدونا عن دينا ، ويفرق بينا
فبدأوا يغيروا إسترتيجيات الحرب ، تغيرت أنواع السلاح ، لكن الحرب ما زالت قائمة ومستمرة
بدءوا بالغزو الفكري ، القوة الناعمة بدل القوة الصلبة ، استغلوا شبابنا لأنه عماد الوطن ورجال الغد ، وبناة المستقبل
بهدف زعزعة الأمن والاستقرار داخل البلاد ، و زرع الكره والفرقة بين أفراد المجتمع ، خلق حالة من الإضطراب الداخلي في المجتمع يؤدي الي هدم الدولة من الداخل
استغلوا شبابنا لصغر سنهم وقلة خبرتهم ، استغلوا الفقر والفراغ ، واشتغلوا علي أحلامهم وطموحاتهم ، مستخدمين بعض الفتاوي المضللة
أوهموهم بأنهم أهل العلم ، و أن من خالفهم الرأي أهل الجهل فراحوا يتطالولون علي أبائهم وعلي كبار السن
أقنعوهم بأنهم أهل الايمان ومن يخالفهم الرأي أهل الكفر فأثاروا الفتن
اقنعوهم بأن عليهم مسئولية إقامة شرع الله ، وهم لا يعرفون شرع الله و لا كيف يقام
أقنعوهم بأن لهم حق الحكم علي تصرفات الناس ، فرموا هذا بالكفر وهذا بالفسوق ، وراحوا يقيمون الحدود وهم أول من تعدي علي الحدود
فهموهم أن الدين لا يقام الا بالقوة ، و لم يلتفتوا الي قول الله لنبيه ” وادعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة “
أفنعوهم بأن التعدي علي من خالفهم الرأي هو بمثابة غزوات النبي والمسلمين الأوائل ، فراحوا يتعدون علي الأمنين في بيوتيهم
بل وقتلوا الركع والسجد والمتعبدين بالمساجد والكنائس ، ولم يلتفوتوا الي قوله صلي الله عليه وسلم ” لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم “
أقنعوهم بأن ممتلكات من خالفيهم الرأي غنيمة لهم ، فسلبوا الأموال و اعتدوا علي النساء ، ولم يلتفتوا الي قول النبي صلي الله عليه وسلم ” كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه “
اقنعوهم بأنهم اذا ما قتلوا فهم في الجنة وغيرهم في النار ، فراحوا يفجرون أنفسهم فيما اسموها بالعمليات الفدائية ، وسمعناهم يقولون قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار
فهموهم بأن دولتهم لا تقام الا بهدم الدولة الموجودة فراحوا يهدمون مؤسسات الدولة الثابتة ، ولم ينظروا الي الدول التي هدمت ولم تقم لها قائمة حتي الآن
كلموهم عن حقوقهم ولم يكلموهم عن واجباتهم ولا عن حقوق الغير
علموهم مظاهر وشكل الاسلام فربوا اللحية وقصروا الثياب ، ولم يعلموهم روح الاسلام وجوهر الاسلام
جرؤوهم علي الفتوي وهي التي كان يهرب منها أغلب العلماء ، فراحوا يتسابقون علي إصدار الفتاوي ، يحرمون الحلال ويحللون الحرام
كم ضيعوا من حقوق وكم سفكوا من دماء ، وكم خربوا من منشآت ، كم ضيعوا من شباب ، وكم هلكوا من أسر
يا صديقي لقد أسقطت تلك الأفكار دول ، و لم تقم لها قائمة حتي الآن
فأين العراق منذ 2003 وحتي الآن ، 22 سنة منذ هدمها ولم تبني
أين ليبيا منذ أن سقطت في 2011 أي منذ 14 سنة لم تقم لها حتي الآن قائمة
أين اليمن منذ أن سقطت في 2011 أي منذ 14 سنة لم تستقر فيها الأمور ولم تقم لها حتي الآن قائمة
و أين و أين و أين ؟
عرفت يا صديقي أن التطرف أمر خطير ، عرفت أن التطرف مش بيوقف ضرره علي صاحبه فقط ، بل تأثرت به المجتمعات والشعوب ، واستخدمه الأعداء كوسيلة لتحقيق أهدافهم
فلننتبه أيها الصديق ، لننتبه لما يحاك لنا ، فإن مصر هي الجائزة الكبري لهم كما يقولون ، مصر هي المقصودة وهي التي صنع كل ذلك من أجل الوصول لها
من أجلها دمرت ليبيا ، حدود مصر الغربية
من أجلها تشتعل السودان ، حدود مصر الجنوبية
من أجلها تلتهب الأجواء في اليمن للتأثير علي الملاحة في البحر الأحمر ، ومنه علي قناة السويس المصدر الرئيسي في الدخل القومي المصري
من أجلها تقف الأساطيل متأهبة في البحر المتوسط
من أجلها أسست قنوات ، يصرف عليها المليارات لنشر الشائعات لزعزعة الثقة القائمة بين الشعب والقيادة
ألم تري أننا يا صديقي كنا نحذر من ذلك ، فكان ردكم لا نؤمن بنظرية المؤامرة
ألم تري وتتأكد أن ما كنا نقوله كان حقاً
ألم تري أن الأمور تخطت حتي حد التلميحات وصارت تصريحات تتسم بالتبجح والوقاحة
ألم تري إعلانهم بكل بجاحة عن خريطة دولتهم الجديدة التي اشتملت علي أجزاء من دول أخري
ألم تري تصريحاتهم التي فاقت البجاحة والوقاحة عن إستيلاءهم علي دول وضمها لهم
أما رأيت وقاحتهم وبجاحتهم وهو يخيرون شعب بين إما الخروج من أرضه و إما القتل
أما ريأتهم وهم يأخذون قرارات في دول ذات سيادة دون إحترام أو مرعاة لسيادتها
يا صديقي أن الآوان لنعي الدرس جيداً ، يجب أن ننتبه جيدا لما يحاك بنا ، يجب أن ننتبه لكل ما يقال ، فليس كل ما يقال حقيقة
علينا أن نتأكد من المعلومات من خلال المصادر الرئيسية الموثوقة
علينا أن نتحصن بالعلم والوعي ، فبالعلم نستطيع التفرقة بين الغث والسمين وبين النافع والضار
بالعلم نستيطع تقييم الأمور تقيماً صحيحاً ، وبالعلم نستطيع أن نختار الطريق الصحيح ، وبالعلم نستطيع أن نتجنب المخاطر ونحصل علي الفوائد
يجب أن نتمسك بمصادر قوتنا التي إشتغلوا علي تدميرها ، تمسكنا بديننا ، و تماسكنا ووحدة صفنا
علينا أن نصلح علاقتنا بربنا ونتصالح مع بعضنا
ونسأل الله أن يحفظنا ويحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء و أن ينصرنا علي أعدائنا انه ولي ذلك والقادر عليه