
سحر كريم تكتب .. عندما تموت الشمس
سحر كريم تكتب .. عندما تموت الشمس
بقلم الأستاذه سحر كريم
لماذا نجعل من الناس أعداء لنا حتى ولو لم يكونوا أعداء لنا؟!…وعندما نفوز نكون قد خسرنا …ربما يكون هذا فى عدم فهم لدوافع الحروب …!…مما يجعلنا نعلق الصراع دوما دون أن نعرف ماذا نريد؟
منافسة فى الحروب ولكن …هل هذا الأمر يستحق المنافسه بما له من آثار وفوضى عارمة …العثور فيها على أنماط عشوائية يطفو فيها السطح المظلم بل وإعتياد الناس على بيوت متهدمة …الطائرات فى كل مكان …والعويل والصراخ يرتفع …يجتمع أهالى المفقودين حول جثه لأخ أو أبن أو زوج أو زوجه …الأسلحه تجوب فى كل مكان وأطفال تحمل الأسلحة وكأنها …ألعاب …شهداء يترامون هنا وهناك و…مظاهرات تندد بالوعيد …شعب يضحى من أجل المبدأ لا ينزع المسئولية عن القاتل سوى تجاهل لمعانى الإنسانية الرحيمة بالبشر ٠
يرفضون ترك ديارهم رغم مايحاصرهم من قذائف وصواريخ وطائرات …موت بطئ لشعوب وبشر …فالأمر مثير للشفقة …مشاعر تقتل وإناس تسرق …وإناس ترى النهايه قبل بدايتها …يتركون ديارهم فالتعويضات لا تكفى …شئ ما ناقص لا يكتمل …وأرواح خائفه مجوفه٠
فكل مرض معروف أسبابه يمكن الشفاء منه عندما تظهر أعراضه ولكن …عندما يقترح العلاج فهناك علامات لا يمكن علاجها …وبعد الشفاء يصبح كل مريض طبيبا ٠
فربما يكون الشفاء أحيانا جزء من الألم …
يهاجرون …تاركين ديارهم …هجره نفسيه …عندما قدم إليهم البديل للهجره …سنوات ينتظرون الرحيل إلى بلد يعيشون فيها بالنيه …رحلوا بأرواحهم …وبلاد فيها ويلات الحروب ولا تزال أبدانهم فيها عائشون …
تتحرك وسط البلاد وكأنهم أبدان موتى …فقدوا أرواحهم ولم يبق سوى حلم باهت للرحيل الأخير …قانون …قانون لإنتماء فطرى …يصنع كيان الإنسان ٠
أما الأن فقد أصبح الأمر مختلفا …أصبح المهاجر لا يستطيع العوده إلى وطنه …فقد ذهب الوطن …وذهب كل مافيه من ذكريات …لم يعد سوى أشلاء محاصرة …وأصبح التهجير عنوانا ذو أسباب أقسى من العقل والمنطق فى التبرير ٠
فلم تعد الهجرة جغرافية كما كانت ترافقنا منذ ولادتنا حتى مماتنا …لقد أصبحت بحثا عن أرض للمعيشة عليها …ولم يعد الوطن سوى مرفأ يشكو الضجر …ولم يعد قانون الطبيعة يشعرنا بالعدالة …لا يهم من يعيش عليها …فليذهبوا إلى أى مكان فى الأرض …يأخذون ما يأخذون بدون هوية إلى أى مكان يريدونه …
لقد إمتلأت الأرض بالكثير والكثير …ولم تعد تحتمل زورقا صغيرا يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود …ويتمسكون بالأرض ولكن …كيف يعيشون؟!!لا يوجد ماء ولا زرع ولا نبات ولا حصاد …لقد أصبحت خرابا ودمارا …يجلسون على بيوت خربة وكأنهم يقولون:-نحن نبنى لأرواحنا فى السماء ٠
لقد أصبحت جرداء …لا خير فيها ولاروح ولكن كيف يتركونها بعدما ذاقوا فيها من عطاء؟وإذا تركت فلمن تكون؟
وإستوقفت برهة …فقد تذكرت قول أستاذى الدكتور رمسيس بهنام الذى شرفت بأن أكون أحد طلابه فى فتره الثمانينات فى كليه حقوق الأسكندرية …الدكتور رمسيس بهنام صاحب النظريات فى تخصصه وخاصة فى نظرية التجريم فى القانون الجنائي والذى أشار بتسميتها بنظرية الحظر أو النظرية العامة لجريمه الحظر
أما على النطاق العالمى فقد كان سفيرا للثقافة القانونية الإيطالية فى مصر …والذى ترك لنا الفقيه تراثا كبيرا من الكتب والأبحاث والمقالات فى مجالات القانون الجنائي والتعريف بالجريمه …فقد قال الأستاذ الدكتور رمسيس بهنام فى كتابه الوجيز فى عالم الإجرام:-أن النفس البشرية بحر خضم ولغز حائر ولن يتسنى لأى باحث أن يسير أغوارها طالما أنه بشر)٠
حقا جرائم متعدده ومختلفه …وعلماء ومفكرين يحاولون حل الألغاز الحائره والمحيرة لكل مايحدث على سطح الأرض من تناقضات …فهل هذا اللغز نتاج الثرثار فى الحديث أم كان العلم على قدر حفظ المسائل؟يرون الأشياء كما هى وآخرون يحلمون بأشياء لم تكن هى …ويتساءلون لما لا؟
مبررين أفعالهم بأن من لا يخطئ لا يصل إلى الحقيقة …البعض منهم يعيشون مطيعين لما حولهم دون أن يعطوا الحق فى تجاوز القانون وخرقه والآخرون …لهم حق إرتكاب جرائمهم وخرق لكل قانون ظنا منهم بأنهم مخلوقات غير عادية تستحق التقدير وأنهم سيوصدون وراءهم الأبواب عندما تنتهى المهمه ٠
فليس أعنف وأشد ضراوة من جرائم الحرب التى ترتكب ضد الإنسانية والتى تستلزم ملاحقتها لا لأنها حرب عدوانيه بقدر ماهية إنتهاك للأعراف الدولية …جرائم ترتكب ضد الإنسانية وضد السلام بل وضد البشرية
وعندما تتغير الأحداث ويصبح الأمر غير مألوف لا يمكننا القول إلا أن نقول :-بأن فلسفة الحياة التى نحياها ماهيه إلا جواب للموت ٠
رعب فى كل مكان …وسؤال يطرح نفسه مرارا وتكرارا إلى أين يذهبون؟علاقه موجوده وإنفصاليه ينعدم فيها التواصل والمبادله …تعكس رؤى جديدة فى عالم مليء بالغموض والتحدى والإصرار على العودة …
فالشمس كالحلم عندما تذهب تذهب كالعمر لا يستطيع أحد الإمساك به …فعندما تموت الشمس تموت الحرية …وعندئذ نسأل أنفسنا لماذا تغرب الشمس على إنجاز إنساني يكون يوما ما أعظم مجد …
فمن الصعب أن ندفن حلما وتبقى الشمس بل الكون قائم بلا أركان …فالشمس لا تمل من أن تسطع كل يوم لتخبرنا بأن الحياة قد بدأت مثلما يعيش الإنسان …فربما يكون هناك يوما شمس لأيام أخرى يعيد لتلك الشمس أشاعتها …تضئ فى عين الطفل وقلبه …فكثيرا ماتهب الشمس الحياة فعلى أنقاض الإنسانية تعبر الشمس ٠
فحينما يذهبون هنا وهناك …يحملون معهم ضوء الشمس …ربما تحجب الشمس الكفوف ولكنها …لن تموت ٠
حقا أن الشمس لا تعيش للأبد …فهى لا تغيب ولكن …ربما يجد الناس ظلال لكى يبنون أسوارا حول الشمس …
فلا شئ يفنى فى الحياة سوى أجسادنا أما مانتركه خلفنا فهو الأثر …
فالحياة قصيدة بنيت أعمارنا من خلال أبياتها ولن يكون الموت فيها سوى قصيدة
Sahar korayiem