
عصام عياد يكتب… الفتوة 2025
الفتوة 2025
كتب عصام عياد
نجحت السينما المصرية في تجسيد شخصية الفتوة والتي ظهرت في الحواري المصرية في حقبة زمنية ليست بقليلة
وكان من أبرز الكتاب الذين برعوا في ذلك ، الكاتب الكبير نجيب محفوظ ، وكان من أبرز تلك الأعمال ، فيلم فتوات الحسينية ، فيلم الحرافيش ، فيلم الشيطان يعظ ، فيلم المطارد ، فيلم التوت والنبوت ، فيلم الجوع
ورغم أن لكل فيلم قصة مختلفة ، إلا أن شخصية الفتوة في جميع الأعمال تشابهت في خمس أمور :
الأمر الأول : اعتماده علي القوة الجسدية ، فهي أولي مؤهلات الفتوة ، إذ لا يوجد فتوة ضعيف
الأمر الثاني : طريقة تنصيبه ، وتسلمه السلطة ، وهو أن يفوز علي الفتوه القديم في منازلة تعتبر هي النهاية المأسوية للفتوة القديم ، بعدها تنتقل السلطة مباشرة للفتوة الجديد ، وذلك بالتفاف رجالة الفتوة القديم حوله ، فيبدأ عهد الفتوة الجديد
الأمر الثالث : وهو عمل الفتوة ، حيث يكون ظاهره حماية أهل الحارة و إقامة العدل ونصرة المظلوم واجارة الضعيف ، لكنه في الحقيقة هو استنزاف أهل الحارة والسيطرة عليهم وابتزازهم ، واستباحة ما في أيديهم ، سواءً كان مال أو نساء أو ممتلكات أخري
ولكي تتحقق الطاعة والسيطرة للفتوة ، كان ولا بد له من إعاشة الناس في حالة من الخوف والشعور بعدم الأمان ، حتي يؤمنوا بحاجتهم اليه ، ويقتنعوا بعدم قدرتهم علي الاستغناء عنه ، فيستمروا في تقديم الإتاوة والعطايا ويقبلوا أي وضع يفرضه فتوتهم عليهم
الامر الرابع : أن معظم هؤلاء الفتوات لم يكن هناك سقف لرغباتهم ومطالبهم ، فأي شيئ يخطر ببالهم يكون من حقهم ، لا تحتكم رغباتهم الي قانون أو عرف أو تقاليد ، إذ أن السلطة المطلقة مفسدة ، والقوة المفرطة بدون ضابط مهلكة
الأمر الخامس : أن نهاية كل فتوة تكون بعد تفشي ظلمه ، وتكون علي يد أحد ضحاياه ، الذي أخذ علي عاتقه إقامة العدل ونصرة المظلوم واجارة الضعيف و الأخذ من الغني للإعطاء الفقير ، ثم سرعان ما يتغير ويتحول الي فتوة جديد يستبيح الأشياء ، ويفرض النفوذ ، ويخلق لرعاياه حالة من الخوف الدائم منه لتحقيق مآربه
حتي دفاعه عن الحارة من اعتداء أي فتوة أخر ، ليس من باب التعاطف مع أهل الحارة أو حمايتهم ، بل هي في الحقيقة دفاعاً عن مصالحه ونفوذه وبقاءه
لكن الغريب أنه لم يأتي فتوة ويتعلم الدرس ، بل يستمر علي نهج سابقيه
و قد تكون الفتونة مقبولة في تلك الفترة ، لكن العجيب أن تظهر الفتونة في هذا الزمان بعد ظهور الأنظمة الحاكمة التي تعمل علي اقامة العدل وتوفير الأمن والأمان للمواطنين وحمايتهم من المخاطر بأنواعها ، بالإضافة الي توفير وتطوير الخدمات لتحقيق القدر المتاح من الرفاهية
لكن الأعجب من ذلك ، هو رغبة بعض الدول في ممارسة الفتونة علي دول أخري
والتي ظهرت في تصريح أحد الرؤساء ، الفتوة الجديد ، الذي انتصر علي الفتوة القديم بدعواه الكاذبة ، بأنه سيوقف الحروب التي أشعلها سابقه
وبمجرد استلامه السلطة ، راح يعلن سياسة الهيمنة ، ففرض الاتاوات التي سارعت بعض دول الخليج بدفعها بمجرد التلويح ، بل وبالزيادة
وقال سنضم كندا ونجعلها الولاية الواحد وخمسين لنا ، دون مراعاة لسيادتها
وقال سنسيطر علي قناة بنما وعلي خليج المكسيك وسيصبح الخليج الأمريكي
وصرح بفرض ضرائب جمركيه علي السلع الصينية و علي سلع الاتحاد الاوربي
أما عن القضية الفلسطينية فانتفض وكأنه أتي بما لم يأتي به الأوائل ، مطالباً مصر والأردن قبول تهجير الفلسطينيين اليهم لتحقق حلمهم بتوسيع دولة الكيااااااااااان
فتصرفاته ونحن في القرن الواحد والعشرين لا تختلف إطلاقاً عن تصرفات فتوات القرن الثامن عشر
باستثناء أن الفتونة في السابق كانت فتونة اشخاص ، لكنها الآن فتونة دول
لكن الأسلوب واحد وبإذن الله يكون المصير واحد ، يموت الفتوة ، وتكون نهايته مأساوية علي يد أحد الصعاليك
نسأل الله أن يعي الجميع الدرس
” إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد “