مقالات

أشرف قميحه يكتب.. نصر أكتوبر العظيم

نصر أكتوبر العظيم

بقلم : أشرف قميحه

بدأت خطة العبور المصرية في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973، في توقيت متزامن مع الهجوم السوري على الجبهة في الجولان. كان هذا التوقيت مفاجئًا للعدو الإسرائيلي الذي لم يتوقع أن يبدأ المصريون حربهم في شهر رمضان، وفي وضح النهار.
بدأت المدفعية المصرية تمطر مواقع العدو بأكبر تمهيد نيراني في التاريخ العسكري الحديث، استمر أكثر من 50 دقيقة، حتى بدا كأن الأرض نفسها تنتفض غضبًا من تحت أقدام المحتلين.

وفي اللحظة الحاسمة، تحركت قوات الضفادع البشرية لتأمين القناة، وأبطال المهندسين العسكريين لفتح الثغرات في الساتر الترابي العملاق المعروف بـ خط بارليف، الذي بلغ ارتفاعه نحو 20 مترًا. استخدم المصريون مضخات مياه عملاقة لتفتيت الرمال بدقة عبقرية، فتمكنوا من فتح أكثر من 80 ثغرة خلال ساعات معدودة، في إنجاز مذهل أدهش الخبراء العسكريين في العالم.

وبعدها، عبرت موجات الجنود الأولى في قوارب مطاطية تحت وابل من النيران، حاملين رايات مصر، مرددين “الله أكبر” التي دوّت في سماء القناة وألهبت القلوب.
وبحلول مساء اليوم الأول، كان أكثر من ثمانين ألف جندي مصري قد عبروا إلى الضفة الشرقية، ومعهم مئات الدبابات والمدرعات، وتم إسقاط خطوط العدو الدفاعية واحدًا تلو الآخر.

لم يكن طريق النصر سهلًا، فقد واجهت قواتنا معارك شرسة، خاصة في منطقة المزرعة الصينية ومعارك الدفرسوار، لكن روح المقاتل المصري كانت هي الفاصلة. كان الجندي يقاتل بإيمان لا يهتز، مدفوعًا بحب الوطن وذكرى زملائه الذين استُشهدوا في معركة الكرامة.

كما لا يمكن أن نغفل دور قوات الدفاع الجوي التي أقامت “شبكة الصواريخ” المحمية، والتي حطّمت أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي. كانت سماء القناة تمتلئ بصواريخ “سام” المصرية، التي أذاقت طائرات العدو مرارة السقوط لأول مرة منذ سنوات طويلة.

وفي الوقت نفسه، أدّت القوات البحرية المصرية دورًا حاسمًا في تأمين السواحل ومنع وصول الإمدادات للعدو، وكان إغراق المدمّرة إيلات في السنوات السابقة إنذارًا مبكرًا لقدرة المصريين على السيطرة على البحر.

لقد أثبتت حرب أكتوبر أن الجندي المصري حين يؤمن بهدفه لا يعرف المستحيل. كانت معركة العلم والإيمان والإرادة قبل أن تكون معركة سلاح.
وما زال العالم حتى اليوم يدرّس خطة العبور المصرية باعتبارها نموذجًا فريدًا في التخطيط العسكري المفاجئ والالتزام والانضباط الميداني.

وفي النهاية، لم يكن السادس من أكتوبر يوم نصرٍ عسكري فحسب، بل كان ميلادًا جديدًا للأمة المصرية، وإعلانًا بأن مصر قادرة على تجاوز كل المحن والعقبات.
هو اليوم الذي صعدت فيه أرواح الشهداء إلى السماء مكلّلة بالنور، ورفرفت فيه راية الوطن على الضفة الشرقية، لتقول للعالم أجمع:

هنا وقف المصريون، وهنا انتصروا، وهنا كُتب المجد بدماء الأبطال

حفظ الله مصر رئيسا وجيشا وشعب

وتحيا مصر . تحيا مصر . تحيا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى