مقالات

الرقص على أوتار الكذب

وجاهة على أوتار الكذب

بقلم / وفاء أبو السعود

سفاهه ام وجاهه ام رقص علي اوتار الامل الكذاب 

وأنا أضع عنوانًا لمقالتي هذه، قفز إلى ذهني مشهد من فيلم عودة  الندلة  لعبلة كامل، وهي تُمسك بالسكين وتهدد السارق تقول له “عاوزها زواقة ولا عياقة، ولا واحدة يحتار فيها الأطباء؟”

ولا أدري ما العلاقة بين هذا المشهد وبين ما سأطرحه هنا، سوى أن كلا الموقفين يحمل شيئًا من العبث والسخرية في آنٍ واحد.

أعلم جيدًا أن كلماتي هذه لن تغيّر واقعًا، لكنها على الأقل تعبّر عن مكنون ووجع داخلي خاصة ونحن نقترب من انتخابات مجلس الشعب، وقد أُغلق باب الترشح، لتبدأ المسرحية  الهزليه.

والحقيقة كنت أود أن أكتب هذا المقال منذ فترة ، لكنني أخّرته لحين اغلاق باب الترشح خوفًا من أن يتهمني أحدهم بأنني ضد فلان أو مع فلان، أو أن لي طموحًا شخصيًا لم أحققه — مع ان هذا حق مشروع !

الطموح في حد ذاته فضيلة، ومن الطبيعي وانت ترسم احلامك ، تري بعين ثاقبه امكانياتك ، وان تضع لها اسس ومبادي لتحقيقها  فعلياً والا ستكون ممن ينسج وهماً بخيوط العنكبوت او ممن يرسم لنفسه قصرًا على الرمال ويظن انه لاينهار. وهوكذلك  اشبه بان نأتي بجاهلٍ ليُجري عملية قلب مفتوح لمريض القلب ، ثم ننتظر منه النجاح !!! فلا العمليه الجراحيه نحجت ولا المريض عاش . 

ان الأساس في أي طموح سياسي أو وطني هو القدرة والكفاءة والأهلية  للقيام بتلك المسئولية  الجسيمة الملقاه علي عاتقه لا الرغبة في الوجاهة ولا سحر الكرسي كما يراها البعض ولا الحصانه لحمايه المال وبالطبع حديثي لا ينطبق علي الجميع  . 

 اقتربت الانتخابات. وبدأت اللافتات تُعلق، والابتسامات تُوزع بالمجان، وقبلات الجبيبن للاهل والاحباب والوعود  التي تُطبخ على نار المصالح ، نفس الوجوه، نفس الأساليب، نفس المنتفعين ونفس  المسرحية التي حفظناها عن ظهر قلب، حتى صرنا نعرف الجملة التالية قبل أن تُقال

هنا ساخاطب ثلاثة جهات اولها ذلك المرشح الذي تقدم باوراقه ظنا منه انه قادر علي تحمل تلك التبعات ، وهو ليس لديه اي قدرة علي ذلك ، طمعا في وجاهة المنصب فعلي من تسقط تلك الصخره  التي القاها المرشح من السماء السابعه علي الارض ؟؟ لتحقيق طموح كاذب للاسف فقد اختلطت المفاهيم، وتشابكت الرؤى، وضاع المعنى الحقيقي للوجاهة، ليحلّ محله بريق زائف من المظاهر والتصنّع.

وهنا اقول لمن قام بالترشح ان لم يكن لديك القدره  الحقيقية لتحمل المسئوليه كامله فلتتقضل بالانسحاب  الان  قبل ان تحدث تلك الكارثه فهذا خير لك وللمواطن وللبلد

وكلمتي للناخبين وانا منهم ، ورغم سنوات عمري ويعلم الله اني ما توانيت يوما او تخاذلت عن الادلاء بصوتي ولكن بعد دراسة جيدا لكل مرشح حتي لايكون صوتي سيفا يستله العضو ويتسلط به علي رقاب البشر  الا اني ولا اخفيكم سرا  قد تساورني الافكار بعدم المشاركة في تلك التمثيليه الهزليه التي تدار علي غير مباديء الانصاف والعداله  والكفاءة وتوليه من يصلح اينما كان هو 

لذا عليك ايها الناخب توخي الدقه والحذر واختيار الاكفأ والانسب والا لا تلومن بعد ذلك الا نفسك حينما ينعم هو بالبرستيج والوجاهه وتجلس انت تنعي الحظ وتذم الحكومة وتلعن القوانين 

كما اوصي بنزع  فتيل تلك القبليه والعصبيه والتي ذكرت في حديث لرسول الله صلي الله عليه وسلم بانها منتنه ، فلا يليق بشعب السبعة الاف سنه ان يقف وراء فاشل لكونه ابن قبيله كذا ، وكذلك لا يليق ان يقف اي من كان وراء من دفع ملايين الحصول علي هذا المقعد المشبوه والذي خرج من سياقه 

ولا داعي للعزف علي اوتار الامل لدي العامه ، فانتم تعلمون جيدا انكم ما دخلت وتكبدتم تلك الملايين لخدمه المواطن والا فقد قمتم بتوزيعها علي فقراء مصر بدلا من دفعها للحصول علي هذا الكرسي  مادخلتوها الا دفاعا عن مصالحكم  الشخصية ورغبتكم الجارفه في الحصول علي سلطه تحمي هذا المال 

 

وكلمتي الاخيرة اقولها لمن خصصوا انفسهم واقلامهم منبرا لدعم بعض المرشحين ولا اعلم مدي قناعتهم الذاتيه بصلاح ذاك المرشح او تلك ، انها شهاده ومن يكتمها فانه اثم قلبه فاما ان تستوثق من كل حرف والا فلتصمت 

للاسف صرنا نعيش زمنًا أصبح فيه الكذب فنًّا، والتزييف فيه مهارة، والتظاهر بالمعرفة ذكاءً.

فهل ما نراه اليوم من تصدُّرٍ بعض الجهلاء  وابتعادٍ لأهل الفكر والعقل هو نوع من “الوجاهة” الجديدة؟

أم أنّها “سفاهة” مغلّفة بشكليات ومظاهر براقة؟

أم أننا جميعًا نرقص على أوتار الأمل الكذاب الذي يوهمنا أن الغد سيكون أفضل، بينما نحن نسير في طريق التراجع بثقة وابتسامة مصطنعة

لقد أصبح المظهر معيارًا أساسيًا للتقييم، حتى لو كان خاليًا من الجوهر، وصارت الكلمات الرنانة تغلب على الأفعال الصادقة. فكل شيء قابل للتزييف: النجاح، الثقافة، وحتى الإنسانية. لم يعد المجتمع يفرّق بين من يعمل بصدق ويبذل جهدًا حقيقيًا، ومن يتقن فن التجمّل أمام الأضواء والعدسات.

ولعل البداية الحقيقية للتغيير تكمن في إعادة ترتيب منظومة القيم داخل المجتمع وتكون هناك ارادة جماعيه حقيقية بحيث يُرد الاعتبار للعقل والفكر والعمل الحقيقي، لا للمظاهر أو الضجيج الإعلامي. فالمجتمع الذي يمنح التقدير لمن يستحقه هو مجتمع قادر على النهوض، أما الذي يُكرّم السطحية ويُهمّش الجدارة، فهو مجتمع يسير نحو فقدان توازنه  القيمي والديني الأخلاقي والثقافي والتنموي 

علينا  رد الاعتبار للمصلحة العامه الحقيقيه  التي اندثرت ولو  كان ذلك  علي حساب طموح بعض الافراد ونسعى  لترك الاثر الحقيقي الذي يكمن في خدمة الناس بشكل فعلي ، علينا ان نثمن قيم  الصدق والبساطة والعمق، وأن نمنح صوتنا ووقتنا واهتمامنا لكل من يصنع فرقًا حقيقيًا لا زيف فيه. فليس كل بريق ذهبًا، ولا كل من يعتلي المنصات وجيهًا.

ان الأمل الحقيقي لا يُعزف على أوتار الكذب، بل يُبنى على وعيٍ صادقٍ يواجه الحقيقة بشجاعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى