مقالات

المال السياسي وعودة الإقطاع

المال السياسي وعودة الإقطاع

بقلم الكاتبه الصحفيه / وفاء أبو السعود 

تتزايد التحديات في المرحلة الراهنة يومًا بعد يوم أمام الدولة المصرية، تحديات متصاعدة، على المستويين الداخلي والخارجي، نتيجة لنهضتها المتسارعة ورغبتها الجادة في البناء والتقدم

تلك الدولة التي أثارت بنهضتها ونجاحها القاصي والداني. فمنهم من بتربص بمصر ويعمل علي تقويض مسيرتها  وهناك  من يسعى لتحقيق حلمه الوهمي “من النيل إلى الفرات”، ومصر له بالمرصاد، ومنهم من يطمح إلى الزعامة  ونفوذ اقليمي وودورٍ دولي أكبر على حساب مكانة مصر ومصالحها.

تُحارب مصر من كل اتجاه، وكأنها في لعبة شطرنج معقدة، يحاول خصومها تطويقها من الداخل والخارج. ورغم ذلك، تخوض مصر هذه اللعبة بشرف واقتدار، إذ يقف خلفها رجال أوفياء يدركون بعمق معاني السياسة الدولية، ويحافظون بحكمة على توازن العلاقات، ممسكين بخيوط الدبلوماسية الدقيقة وشعره معاوية بثباتٍ ورؤيةٍ ثاقبة.

وفي خضم هذه الظروف المحلية والإقليمية والعالمية المتشابكة، تستعد البلاد لانتخابات مجلس النواب، بعد انتهاء انتخابات مجلس الشيوخ. غير أنه و بنظرة فاحصة إلى المشهد تكتشف أن كثيرًا من تلك الانتخابات لم تعد تُدار لصالح الدولة المصرية أو لدعم قيادتها السياسية، بل لصالح أصحاب المال والمليارديرات  والنفوذ.

لقد تحوّلت بعض الأحزاب التي لاتدخر جهدا للعبث بالحياه السياسيه بوضع اسس وقواعد ومعايير للهدم وليس للبناء وتحويل الساحة إلى ساحات للمزايدة والعبث بالحياة  الحزبية و السياسية، 

لقد اصبح القعد  النيابي  وهو مالهو من شرف وقدسيه لتمثيل المواطن المصري يتداول كسلعة في السوق السياسية بملايين الجنيهات، حتى بلغ في بعض القوائم خمسين، بل سبعين، بل تسعين مليون جنيه! أي عبث هذا؟ وكيف يدار المشهد وكيف يُترك المشهد لهذا القدر من الفوضى؟

فبدلًا من البحث عن الكفاءات والعقول الوطنية المخلصة التي تستطيع أن تعبر عن المواطن المصري اولا وتكون سندا له في تحقيق طموحاته المشروعه في النهوض وتحقيق مستوى معيشي افضل  وللدولة المصرية ثانيا خاصة  في تلك  المرحلة العصيبه، يُفتح الباب أمام أصحاب الثروات ليحتلوا المقاعد ويصنعوا لأنفسهم نفوذًا جديدًا.علي نفوذهم الحالي فطبيعي بان يملك تلك الثروة لديه نفوذ واسع المدى 

 والسؤال البديهي هنا: من يملك مائة مليون جنيه لشراء مقعد في البرلمان، ماذا سيفعل بعد فوزه ليستعيد تلك الملايين بارباحها ويسعى الي عودتها الي حوزته ؟

ثم من أين جاءت تلك الثروات أصلًا؟ أهي حصاد كدٍّ وعرقٍ وتعبٍ شريف؟ أم نتاج استغلال ونفوذ وفساد؟ فمن يشتري النفوذ  بتلك الملايين بديهي جدا ان بكون  حريص علي مصالحه  الشخصيه وحده. دون حرصه على الوطن او المواطن . 

إن ما نشهده اليوم في المشهد السياسي المصري يعكس مفارقة صارخة:

الرئيس يدعو إلى تمكين الكفاءات والعقول الشابة القادرة على البناء والتخطيط للمستقبل، بينما في المقابل تسعى قوى المال السياسي لإعادة إنتاج الإقطاع بصورة جديدة، تُقصي الشرفاء وتُعيد منطق “المال فوق الكفاءة”.

وهنا يصبح السؤال المصيري:

هل نسمح للمال أن يكون بوابة النفوذ والقرار؟ أم نحافظ على جوهر الدولة الحديثة التي أرستها مصر الجديدة، دولة المؤسسات والكفاءات لا دولة الثروات والمصالح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى