القانونمقالات

وعى مع إيقاف التنفيذ

وعى مع إيقاف التنفيذ

وعى مع إيقاف التنفيذ
جريدة فجر اليوم
بقلم :ندى عثمان

تكمُن قيمة الأشياء دائما فى مدى فاعليتها .. فما فائدة تناولك طعام إن كان يفتقر لما يحتاجه جسدك من عناصر أساسية يجب توافرها فيه فليس الهدف بالتأكيد تناولك الطعام وشعورك بالشبع فقط دون حصولك على منفعة حقيقية تصل بك حد الرضا ..
كذلك الوعى ما فائدة الوعى إن لم يعقبه تغيير .. ان لم يكن الوعى آداة قوية لتشكيل قراراتك فما القيمة التى تكمن داخله .. ما مدى أهمية آداة متطورة الاستخدام إن لم تُغير الواقع ..وتشكله من جديد .
لماذا نمتلك الوعى أحيانا ولا نمتلك رفاهية تفعيله فى واقعنا فى صورة قرارات حاسمة وأفعال لا تقبل الشك أو التأويل ؟
لماذا نرى شخصيات تتحلى بالحكمة والوعى لكنها لا تملك قوة تفعيله فى حياتها؟
يبدو أن سمة أشياء تعمل فى الخفاء داخل عقولنا تتحكم فى مدى قدرتنا على استغلال الوعى الذى نمتلكه بالفعل.. هناك قاضى داخلى يصدر أحياناً حكماً على الإنسان ـ مهما بلغ من درجات الحكمة والوعى ـ حكما بالوعى مع إيقاف التنفيذ ..
ومن خلال التفكير كثيرا وبرؤية متواضعة للكثير من تجارب المحيطين وبالتأمل فى الأحداث الذاتية أيضاً وجدت ان لا شئ أكثر تأثيراً علينا ويعمل فى الخفاء كمايسترو يعمل من وراء الكواليس سوى صراعاتنا الداخلية .. وما مررنا به من صدمات شكلت مع الوقت مخاوفنا وتوقعتنا ..إلى أن رسمت أحداث واقعنا بتفاصيله .. ورسمت ما نحن عليه اليوم
من أصغر الاختيارات إلى أكبر القرارات .
لا أحد ينجو من التعرض للصدمات مهما بلغ من الوعى والذكاء فكل منا له رزق من الوعى والحكمة يناله بطرق متعددة إحدى هذه الطرق الأزمات والصدمات التى تجعل عقولنا مليئة بالتساؤلات ..والمخاوف .. ولكنها أيضا تحمل بداخلها قدرا كبيرا من العطايا حين نتمكن من فك شفرات الأحداث والمواقف المؤلمة التى نتعرض لها .. حينها فقط يتجلى الوعى فى واقعنا فى صورة قرارات واختيارات يغلب عليها المنطق وتغلفها السعادة .. قرارات تتحلى بالتوازن بين القلب والعقل .
أحيانا نتوهم امتلاكنا لحرية قرارتنا وقدرتنا على الإختيار بقوة .. وفيما بعد نكتشف ان هناك محركات داخلية تولت عنا المهمة وهى صدماتنا التى لم تعالج عن حق .
دعنى أُجسد لك عزيزى القارئ مثالا لا ينجو منه أحد منا .. من منا لم يتعرض لصدمة خذلان فى إحدى المقربين منه ..
صدمات الخذلان في من منحناهم الأمان والثقة الكاملة كفيلة أن تجعلنا لسنوات داخل مكعب ثلج شديد البرودة خوفا من الخروج منه وتَفقُد تجارب جديدة .. صدمات الخذلان تجعل مكعب الثلج أكثر دفئا ورحمة من مرارة الخذلان خارجه.. هكذا تفعل الصدمات بداخلنا ترسم ملامح الواقع بيد مرتعشة .. تجعل للمخاوف عليك سلطان يأمر ويختار تجعل المخاوف تُخاطب عقلك اللاواعى المحرك الحقيقي لأفعالك دون أن تشعر ..فتختار وتنتقى بناءً على صدماتك وليس رغباتك وإحتياجاتك الحقيقية .. وعند درجة ومرحلة متقدمة من الوعى تجد نفسك تتسأل عن مدى صحة إختياراتك السابقة تنظر بعين الناقد الذاتى ينقد اختياراته وقراراته السابقة حين يصبح على قدر أكبر من الوعى .. عند هذه اللحظات الحاسمة ينقسم البشر نوعان ..البعض يفتح عليه عقله بوابات الندم والإنكار وأحيانا التبرير .. والبعض الآخر يتبنى منهج ” لا تحكم على قرارات الأمس بخبرة ووعى اليوم “..
وكلاهما إن لم يُصاحب مخاوفه ويواجهها .. ويكتشف مواضع الخطر ويُحجم صدماته ويصل للحكمة منها يزداد مكعب الثلج سُمكاً وتشتد برودته مع الوقت إلى أن يصبح غير مؤهل للحياة .
عليك عزيزى القارئ بالنظر بشفافية وصدق لدرجة واعيك ومدى فاعليتها فى حياتك وقراراتك اليوم لا تجعل للخوف عليك سلطان يأمر ويختار هو فقط يعطى إنذار وأنت صاحب القرار ،،،،،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى